الهاكر البريطاني كاي ويست (IntelBroker): السجل الكامل من التحقيق حتى التوقيف
كاي ويست، المعروف بلقب IntelBroker، هو هاكر بريطاني يبلغ من العمر 25 عامًا، يُعتبر من أبرز الهاكرز الذين استهدفوا الأنظمة الحساسة خلال السنوات الأخيرة. بدأ نشاطه الإلكتروني بشكل مكثف بين عامي 2023 و2025، حيث شن هجمات إلكترونية منسقة استهدفت شركات حكومية وخاصة، وأسفرت عن خسائر مالية تجاوزت 25 مليون دولار. في 25 يونيو 2025، وجهت له تهم رسمية أمام محكمة جنوب نيويورك، بعد أن ألقت السلطات الفرنسية القبض عليه في فبراير 2025 بناءً على طلب من القضاء الأمريكي.
الأنشطة الإجرامية والتخريب المالي
قاد كاي ويست شبكة من الهاكرز تحت اسم CyberN، التي تعتبر من أخطر الشبكات الإجرامية في مجال الجرائم الإلكترونية. استهدفت هذه الشبكة أكثر من 40 شركة وكيانًا كبيرًا عبر هجمات إلكترونية متطورة. من بين أبرز الضحايا شركات كبرى مثل Cisco، Apple، Hewlett Packard Enterprise، بالإضافة إلى وكالات أمنية أوروبية مثل Europol.
كانت العمليات تعتمد على اختراق قواعد بيانات هذه الشركات والحصول على معلومات حساسة وبيانات عملاء، ثم نشرها على منتديات الإنترنت المظلم، وبخاصة منصة BreachForums، التي تعد واحدة من أكبر منصات تسريب البيانات على الإنترنت.
نشر ويست ومجموعته البيانات المسروقة في 41 مرة على شكل عروض للبيع، و117 مرة أخرى مجانًا أو مقابل نقاط في المنتدى. تسبب هذا النشاط في أضرار مالية تقدر بأكثر من 25 مليون دولار، بينما جنت العصابة أرباحًا تقارب 2 مليون دولار من خلال عمليات الاحتيال الإلكتروني والابتزاز.
كيف تم تتبعه والقبض عليه
بدأت عملية التتبع بعد أن اشترى عميل من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بيانات مسروقة عبر عملة البيتكوين. استُخدمت تقنيات متطورة في تحليل معاملات البيتكوين على شبكة البلوكتشين، مما ساعد في رصد وتتبع تدفقات الأموال الرقمية التي تربط بشكل مباشر مع رخصة قيادة بريطانية باسم Kai Logan West.
إضافة إلى ذلك، تم تتبع عنوان IP المرتبط بحسابات اليوتيوب الخاصة بالهاكر، وكذلك نشاطه على منصات الدارك ويب. وعلى الرغم من محاولاته استخدام بروكسي وخوادم VPN وأنظمة تشفير متقدمة لإخفاء هويته، فقد ارتكب خطأ تقنيًا بسيطًا أدى إلى كشف مكانه الحقيقي وتم تحديد موقعه في فرنسا.
تم القبض عليه في فبراير 2025 بمدينة باريس، وجرى تقديم طلب تسليم رسمي للولايات المتحدة التي تتولى التحقيق الرئيسي في القضية.
التهم القانونية والعقوبات الموجهة إليه
وجهت إلى كاي ويست أربع تهم رئيسية في المحكمة:
- التآمر لاختراق أنظمة الكمبيوتر واختراق الحواسيب بشكل غير قانوني.
- التآمر للاحتيال عبر الأسلاك الإلكترونية واستخدام وسائل الكترونية للسرقة.
- الوصول غير القانوني إلى أجهزة محمية بهدف سرقة معلومات وأضرار مالية.
- استخدام الاحتيال الإلكتروني لتحقيق مكاسب مالية عبر وسائل الاتصال.
تصل العقوبات المترتبة على هذه التهم إلى عقوبات بالسجن لمدة تصل إلى 20 سنة لكل تهمة احتيال، بالإضافة إلى 5 سنوات لكل تهمة اختراق، ما يعني احتمال أن يقضي عقوبة إجمالية تزيد عن 50 سنة في السجن إذا ما أدين بجميع التهم.
تصريحات FBI ووزارة العدل
قال كريستوفر ج. رايا، مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي في نيويورك، في تصريحات رسمية: "الاسم المستعار IntelBroker تسبب في أضرار مالية ضخمة لمئات الضحايا حول العالم. لا يمكن للمجرمين السيبرانيين الاختباء وراء الشاشات، حيث سيصلهم العدالة مهما طال الزمن." وأضاف أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يعمل بلا هوادة لملاحقة مثل هؤلاء المجرمين.
أما المدعي العام Jay Clayton، فقد أكد أن القضية تعكس التزام الولايات المتحدة بالتعاون مع شركائها الدوليين لمكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية البنية التحتية الرقمية.
التقنيات المستخدمة في التتبع والتحقيق
اعتمد فريق التحقيق على مجموعة من التقنيات الحديثة ومنها:
- تحليل معاملات العملات الرقمية (البيتكوين) باستخدام تقنية البلوكتشين لتعقب تدفقات الأموال وتحديد هوية المتهمين.
- مراقبة عناوين IP المرتبطة بأنشطة الهاكر على الإنترنت وشبكة الدارك ويب.
- استخدام تقنيات التنقيب في بيانات الإنترنت للكشف عن الارتباطات بين الحسابات المشبوهة والهوية الحقيقية للمجرم.
- تتبع النشاطات على منصات التواصل الاجتماعي مثل YouTube، والتي استُخدمت للتواصل أو نشر محتوى مرتبط بالنشاط الإجرامي.
التداعيات الأخلاقية والأمنية
أظهرت القضية هشاشة كبيرة في بعض أنظمة الحماية الرقمية، حتى لدى أكبر الشركات والوكالات الأمنية. وكشفت أيضًا عن الدور الكبير الذي تلعبه المنتديات المظلمة ومنصات تداول العملات الرقمية في دعم الجرائم الإلكترونية.
فتحت هذه القضية نقاشًا واسعًا حول ضرورة تحسين الأنظمة الأمنية الرقمية، وضرورة التنسيق بين الحكومات والشركات لتعزيز أمن المعلومات والحد من الجرائم الإلكترونية.
التسلسل الزمني للأحداث
- ديسمبر 2022: بدأت محاولات IntelBroker الأولى لاختراق أنظمة شركات الاتصالات.
- 2023: تصاعدت الهجمات المنظمة التي استهدفت قواعد بيانات حساسة لشركات متعددة.
- 2024: بدأت السلطات في تعقب مجموعة CyberN المرتبطة بكاي ويست.
- فبراير 2025: اعتقال كاي ويست في فرنسا بعد تحقيقات دولية.
- يونيو 2025: تقديم لائحة الاتهام الرسمية أمام محكمة جنوب نيويورك.
الخلاصة
تمثل قضية كاي ويست مثالًا صارخًا لتطور الجرائم الإلكترونية وتحدياتها المستمرة، كما تبرز أهمية التعاون الدولي والتقنيات المتقدمة في كشف وملاحقة مجرمي الإنترنت. توضح هذه القضية أيضًا كيف يمكن للعملات المشفرة والمنتديات المظلمة أن تكون أدوات مزدوجة تخدم كلاً من المجرمين والأجهزة الأمنية.
إن القبض على كاي ويست يبعث رسالة قوية إلى كل من يفكر في ارتكاب جرائم إلكترونية، أن العدالة الرقمية أصبحت أكثر فعالية وأن الحدود الجغرافية لم تعد حماية لمجرمي الإنترنت.
المصادر المعتمدة في هذا التقرير تشمل البيانات الرسمية من وزارة العدل الأمريكية، تقارير موقع Security Affairs، وتقارير إعلامية رسمية حتى منتصف 2025.
إرسال تعليق